أحمد خالد توفيق، المعروف بلقب "العراب"، هو واحد من أبرز كتاب الأدب العربي المعاصر، واشتهر بإسهاماته المميزة في أدب الفانتازيا والرعب والخيال العلمي. وُلد في 10 يونيو 1962 وتوفي في 2 أبريل 2018، وخلال مسيرته ترك إرثًا أدبيًا غنيًا أثرى به المكتبة العربية. من أشهر أعماله سلسلة "ما وراء الطبيعة"، التي ساهمت في ترسيخ مكانته كأحد الرواد في مجال أدب الرعب. تميزت أعمال توفيق بأسلوبه السهل الممتنع الذي يجذب القارئ ويدفعه للتفكير في قضايا اجتماعية وإنسانية عميقة.
في روايته "في ممر الفئران"، يعيد توفيق تقديم فكرة "أرض الظلام" من سلسلة "ما وراء الطبيعة" بعمق أكبر. الرواية تدور حول الشرقاوي، الذي يدخل في غيبوبة طويلة بعد حادثة طبيعية تُغيب أشعة الشمس، ليتحول العالم إلى مكان مظلم تمامًا. في هذا العالم، يحتكر الطغاة النور لأنفسهم ويتركون الناس في ظلام دامس، رمزًا للجهل والاضطهاد.
أسلوب السرد في الرواية يتميز بالانتقال بين عالمين: عالم الغيبوبة الذي يعيش فيه البطل، وعالم الكوابيس الذي يجد نفسه فيه. هذا التنقل بين الذكريات والنور في الماضي والظلام في الحاضر يضفي على الرواية جواً من الغموض والتشويق، كما يعكس الصراع الأبدي بين المعرفة والجهل. شخصية الشرقاوي تمثل الأمل في الخلاص والنور، وهو ما يجعل الرواية رمزاً للنضال ضد القمع.
الرواية مليئة بالرموز الاجتماعية والسياسية، ما يجعلها أكثر من مجرد قصة خيالية، بل نقداً لاذعاً للواقع المعاصر. القومندان في الرواية يمثل الاستبداد، بينما يشير "ممر الفئران" إلى حال المجتمعات التي تعيش تحت الظلم. توضح الرواية كيف يمكن للبشر أن يتأقلموا مع الظلام، سواء كان بصرياً أو فكرياً، مشددة على أهمية السعي نحو النور كرمز للحرية والمعرفة. الرواية تستلهم من أعمال مثل "1984" لجورج أورويل و"العمى" لخوسيه ساراماغو، إذ تطرح عوالم ديستوبية تعكس واقع المجتمعات المظلومة.
تُعد رواية "في ممر الفئران" من أهم أعمال أحمد خالد توفيق في أدب الديستوبيا. تلقت الرواية إشادة واسعة من القراء، حيث أثارت نهاية القصة الكثير من الجدل والتفكير العميق. تمكن توفيق من خلق رواية تجمع بين التشويق والفكر النقدي، مما يجعلها تبقى في ذهن القارئ طويلاً بعد انتهائها، وتؤكد على فكرة أن الأمل قد يكون سراباً أحيانًا، والخلاص ليس دائماً في متناول اليد.