عن الرواية: بعد سنوات طويلة، وعندما إشتدت المجاعة وإنتشر التيفوس، تذكر عبد الغني البارودي زمن الكوليرا. بناته تراكضن حوله يجمعن الثياب ويحزمن الحقائب للخروج من بيروت، وهو رجع بالذاكرة إلى زمن أبعد من الكوليرا ورأى ساحة البرج قبل " فتنة الستين ". رأى نفسه ولداً لم يبلغ العاشرة يركض خارجاً من خان أبيه، يقطع أشجار التوت، يخترق سوق الفشخة. يدفع باب الحارة المرصع بالحدائق. ويركض على " الطريق البيضاء" إلى أمه عائشة. قالت له: " عندما يئذن المؤذن الظهر تعال وكل قطايف". " حارة البارودي " بسورها المستطيل وبوابة السنديان المرصعة بالحديد هُُدمت على دفعات بين 1915 و 1919. أعمال الهدم لتوسيع دروب بيروت القديمة بدأها العثمانيون في مطلع الحرب العالمية الأولى وأنهاها الإنكليز والفرنسيون بعد إنتهاء الحرب بهزيمة الأتراك وخروجهم من بلادنا. أعمال الهدم أزالت من الوجود البيوت الأربعة التي بناها عبد الجواد أحمد البارودي. أزالت حارة القرميد التي رفعها في نهاية " طريق عبد الجواد " ( طريق عبد الملك ) إبنه الثاني الحاج عبد الرحيم أبو حسين البارودي. مات عبد الرحيم أبو حسين البارودي. مات عبد الرحيم البارودي ممدداً على سريره محاطاً بالعائلة الكبيرة سنة 1890.